لقد كانت الهند شريكًا للحوار في منتدى جزر المحيط الهادئ (PIF) منذ عام 2002
من المقرر أن تتقدم الهند خطوة أخرى نحو التواصل مع دول جزر المحيط الهادي بزيارة وزير الخارجية والمنسوجات في الدولة، بابيترا مارغريتا، إلى مملكة تونجا من الفترة الممتدة بين 28-29 أغسطس 2024.

ستمثل هذه الزيارة رمزية بحدث غير مسبوق، وهو مشاركة الهند لأول مرة على مستوى الوزراء في اجتماعات قادة المنتدى الوزاري لجزر المحيط الهادئ (PIF) مع شركاء الحوار، ما يعزز الأهمية التي تعطيها نيودلهي لعلاقاتها في منطقة المحيط الهادئ. الزيارة ليست مجرد التزام دبلوماسي، بل ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز نفوذ الهند وشراكاتها في منطقة تعتبر متزايدة الأهمية في الجغرافيا الساسية العالمية.

أهمية دول جزر المحيط الهادئ
منتدى جزر المحيط الهادئ (PIF) هو المنظمة الحكومية الدولية الرائدة في منطقة المحيط الهادئ، ويشمل 18 عضواً بما في ذلك أستراليا ونيوزولندا و16 بلد من دول جزيرة المحيط الهادئ مثل فيجي وبابوا غينيا الجديدة وتونجا. منذ 2002، كانت الهند شريك حوار للمنتدى وهو ما سمح لها بالتواصل مع قادة المنطقة بشأن مجموعة من المواضيع.

يأتي التواصل الأخير عقب القمة الناجحة الثالثة لمنتدى التعاون بين الهند و جزر المحيط الهادي (FIPIC) التى عقدت في مايو 2023، والتي ترأسها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في بورت مورسبي، بابوا غينيا الجديدة.

أبرزت تلك القمة اهتمام الهند الاستراتيجي بمنطقة المحيط الهادي ووضعت الأسس لتفاعلات أكثر كثافة وتكرار بين الهند ودول جزر المحيط الهادي. أسفرت القمة عن العديد من المبادرات المهمة، بما في ذلك تعزيز التعاون في مجالات مثل الطاقة المتجددة وإدارة الكوارث والاتصالات الرقمية.

منطقة المحيط الهادئ، والتي تُشار إلى أحيانًا ب"القارة الزرقاء"، أصبحت منطقة مهمة بالنسبة للقوى العالمية بسبب مواردها البحرية الواسعة وموقعها الاستراتيجي وإمكانية النفوذ الجغرافي السياسي. بالنسبة للهند، الاتصال مع دول جزر المحيط الهادئ يعد جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى ضمان منطقة هندو-محيط الهادئ حرة ومفتوحة وشاملة، حيث يتم احترام سيادة ونزاهة الأراضي لجميع الدول.

أيضاً تعتبر جزر المحيط الهادئ حيوية بالنسبة لأمن الطاقة والمصالح البحرية للهند. مناطق الاقتصاد الخالص الخاصة بالمنطقة (EEZs) تغطي مناطق واسعة غنية بالموارد البحرية، والمحيط الهادئ بحد ذاته هو مسار حاسم للتجارة البحرية العالمية. من خلال تعزيز علاقاتها مع دول جزر المحيط الهادئ، تضمن الهند ليست فقط مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية ولكن أيضًا تساهم في استقرار وأمن المنطقة الهندو-محيط الهادئ الأوسع.

الهند وتونجا مستعدتان لاستكشاف سبل تعاون جديدة
علاقة الهند بتونجا تستعرض المقاربة الأوسع لديها تجاه منطقة المحيط الهادئ، والتي تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل، والثقة، والتعاون.

لقد استمتعت الهند وتونجا بعلاقة وثيقة وودية على مدى عقود، بحضور الملك توبو الرابع والمللكة التوجانيين في الهند في 1971 و1976 على التوالي. أسست هذه الزيارات أرضية لشراكة تتميز بالاحترام المتبادل والقيم المشتركة. في السنوات الأخيرة، تم تعزيز هذه الشراكة من خلال التوجه المبادر من الهند إلى دول جزر المحيط الهادي، بشكل خاص من خلال مبادرات مثل ال٤ـiFIC.

من المتوقع أن تعزز الزيارة المقبلة للوزير مارغريتا إلى تونجا هذه العلاقات، مع التركيز على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات مثل بناء القدرات، وتغير المناخ، والمرونة أمام الكوارث، والتنمية المُستدامة.

أثناء زيارته لتونجا، من المتوقع أن يعقد الوزير مارغريتا اجتماعات ثنائية على المستوى العالي مع قادة تونجا، حيث سيركز النقاش على تعزيز التعاون في المجالات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والتعليم. ستوفر هذه التزامات فرصة لاستكشاف سبل جديدة للتعاون، خاصة في مواجهة التحديات الفريدة التي تواجه الدول الجزيرة الصغيرة النامية مثل تونجا.

تركيز الأضواء على القضايا مثل التغير المناخي، التنمية المستدامة
يعتبر منتدى جزر المحيط الهادئ الأول منصة للحوار والتعاون بين دول المنطقة. إن مشاركة الهند في الاجتماع ال53 لقادة المنتدى الوزاري لجزر المحيط الهادئ كشريك حوار، تعد فرصة لتعزيز ارتباطها بالمنطقة والمساهمة في مناقشات قضايا مثل التغير المناخي، التنمية المستدامة، الأمن الإقليمي.

التغير المناخي يعد قضية ضاغطة بشكل خاص بالنسبة لدول جزر المحيط الهادئ، حيث تعتبر العديد منها من بين الدول الأكثر تأثرا بتأثيرات الاحترار العالمي. مستويات البحر المرتفعة، الأحداث الجوية القاسية، التدهور البيئي البحري تمثل تهديدات لوجود هذه الدول. الهند، كلاعب عالمي مسؤول، دعت دائمًا إلى اتخاذ إجراءات دولية أقوى بشأن تغير المناخ وعرضت خبرتها ومواردها لمساعدة دول جزر المحيط الهادئ على بناء المرونة ضد هذه التحديات.

بالإضافة إلى تغير المناخ، سيركز اجتماع قادة المنتدى ربما على قضايا أخرى حاسمة مثل الأمن الإقليمي، التنمية الاقتصادية، الإدارة المستدامة للموارد البحرية. المشاركة الهندية في هذه المناقشات تعكس التزامها بالعمل مع دول جزر المحيط الهادئ لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز السلام، الاستقرار، والازدهار في المنطقة.

منتدى التعاون بين الهند وجزر المحيط الهادئ (FIPIC) ظهر كآلية رئيسية للتفاعل الهندي مع دول جزر المحيط الهادئ. منذ تأسيسه في 2014، ساعد FIPIC على تعزيز العلاقات بين الهند ودول المحيط الهادئ، وركز على مجالات مثل الرعاية الصحية، التعليم، تنمية البنية التحتية، والتخفيف من تغير المناخ.